فصل: باب:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معالم السنن



.ومن باب الإعادة من النجاسة تكون في الثوب:

قال أبو داود: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا أبو معمر حدثنا عبد الوارث حدثتنا أم يونس بنت شداد قالت حدثتني حماتي أم جَحْدرٍ العامرية عن عائشة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس كساء كان علينا من الليل فصلى الغداة ثم جلس فقال رجل يا رسول الله هذه لُمعة من دم فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما يليها فبعث بها إليّ مصرورة في يد الغلام فقال اغسلي هذه وأجفِّيها وأرسلي به إليّ فدعوت بقصعتي فغسلتها ثم أجففتها فأحرتها إليه فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم نصف النهار وهو عليه».
قولها: «فأحرتها» معناه رددتها إليه يقال حار الشيء يحور بمعنى رجع ومنه قوله تعالى: {إنه ظن أن لن يحور} أي لا يبعث ولا يرجع إلينا في القيامة للحساب.

.كتاب الصلاة:

.باب:

قال أبو داود: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك، عَن أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه سمع طلحة بن عبيد الله يقول: «جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول حتى دنا فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خمس صلوات في اليوم والليلة قال هل عليّ غيرُهن قال لا إلاّ أن تطوع قال وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم صيام شهر رمضان قال هل علي غيره قال لا إلاّ أن تطوع قال وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم له الصدقة قال فهل علي غيرها قال لا إلاّ أن تطوع قال فأدبر الرجل وهو يقول والله لا أزيد على هذا ولا أنقص فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلح إن صدق».
قال أبو داود: حدثنا سليمان بن داود حدثنا إسماعيل بن جعفر المدني، عَن أبي سهيل نافع بن مالك بن أبي عاص بهذا الحديث بإسناده وقال: «أفلح وأبيه إن صدق دخل الجنة وأبيه إن صدق».
قوله عند ذكر الصلاة: هل علي غيرهن فقال: «لا إلاّ أن تطوع» دليل على أن الوتر غير مفروض ولا واجب وجوب حتم ولو كان فرضًا لكانت الصلوات المفروضة ستا لا خمسا وفيه بيان أن فرض صلاة الليل منسوخ.
وقوله: «أفلح وأبيه» هذه كلمة جارية على ألسن العرب تستعملها كثيرا في خطابها تريد بها التوكيد. وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحلف الرجل بأبيه فيحتمل أن يكون هذا القول منه قبل النهي ويحتمل أن يكون جرى ذلك منه على عادة الكلام الجاري على الألسن وهو لا يقصد به القسم كلغو اليمين المعفو عنه قال الله تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم} [البقرة: 225] الآية قالت عائشة هو قول الرجل في كلامه لا والله وبلى والله ونحو ذلك. وفيه وجه آخر وهو أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم ضمر فيه اسم الله كأنه قال لا ورب أبيه، وإنما نهاهم عن ذلك لأنهم لم يكونوا يضمرون ذلك في أيمانهم وإنما كان مذهبهم في ذلك مذهب التعظيم لآبائهم. ويحتمل أن يكون النهي إنما وقع عنه إذا كان ذلك منه على وجه التوقير له والتعظيم لحقه دون ما كان بخلافه، والعرب قد تطلق هذا اللفظ في كلامها على ضربين أحدهما على وجه التعظيم والآخر على سبيل التوكيد للكلام دون القسم قال ابن ميادة:
أظنت سفاهًا من سفاهة رأيها ** لأهجوها لما هجتني محارب

فلا وأبيها إنني بعشيرتي ** ونفسي عن ذاك المقام لراغب

وليس يجوز أن يقسم بأب من يهجوه على سبيل الإعظام لحقه.
وقال آخر لعبيد الله بن عبد الله بن مسعود أحد الفقهاء السبعة:
لعمر أبي الواشين أيام نلتقي ** لما لا تلاقيها من الدهر أكثر

يعدون يومًا واحدًا إن لقيتها ** وينسون ما كانت على النادي تهجر

وقال آخر:
لعمر أبي الواشين لا عمر غيرهم ** لقد كلفتني خطة لا أريدها

وفيه دليل على أن صلاة الجمعة فريضة، وفيه بيان أن صلاة العيد نافلة. وكان أبو سعيد الإصطخري يذهب إلى أن صلاة العيد من فرض الكفاية، وعامة أهل العلم على أنها نافلة.

.ومن باب في المواقيت:

قال أبو داود: حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سفيان حدثني عبد الرحمن بن فلان بن أبي ربيعة عن حكيم بن حكيم عن نافع بن جبير بن مطعم عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتاني جبريل عليه السلام عند البيت مرتين فصلى بي الظهر حين زالت الشمس وكانت قدر الشراك وصلى بي العصر حين كان ظله مثله وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم وصلى بي العشاء حين غاب الشفق وصلى بي الفجر حين حرم الطعام والشراب على الصائم فلما كان الغد صلى بي الظهر حين كان ظله مثله وصلى بي العصر حين كان ظله مثليه وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم وصلى بي العشاء إلى ثلث الليل وصلى بي الفجر فأسفر ثم التفت إلي فقال يا محمد هذا وقت الأنبياء من قبلك» والوقت ما بين هذين الوقتين.
قلت: قوله: «وكانت قدر الشراك» ليس قدر الشراك هذا على معنى التحديد ولكن الزوال لا يستبان إلاّ بأقل ما يرى من الفيء، وأقله فيما يقدر هو ما بلغ قدر الشراك أو نحوه وليس هذا المقدار مما يتبين به الزوال في جميع البلدان إنما يتبين ذلك في مثل مكة من البلدان التي ينتقل فيها الظل فإذا كان أطول يوم في السنة واستوت الشمس فوق الكعبة لم ير لشيء من جوانبها ظل. وكل بلد يكون أقرب إلى وسط الأرض كان الظل فيه أقصر؛ وما كان من البلدان أبعد من واسطة الأرض وأقرب إلى طرفيها كان الظل فيه أطول.
وقد اعتمد الشافعي هذا الحديث وعول عليه في بيان مواقيت الصلاة إذ كان قد وقع به القصد إلى بيان أمر الصلاة في أول زمان الشرع.
وقد اختلف أهل العلم في القول بظاهره فقالت طائفة وعدل آخرون عن القول ببعض ما فيه إلى أحاديث أخر وإلى سنن سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض المواقيت لمّا هاجر إلى المدينة، قالوا وإنما يؤخذ بالآخر من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنذكر موضع الاختلاف منهم في ذلك. فمن قال بظاهر حديث ابن عباس وتوقيت أول صلاة الظهر وآخرها به مالك وسفيان الثوري والشافعي وأحمد وبه قال أبو يوسف ومحمد وقال أبو حنيفة آخر وقت الظهر إذا صار الظل قامتين. وقال ابن المبارك وإسحاق بن راهويه آخر وقت الظهر أول وقت العصر.
واحتج بعض من قاله بأن في بعض الروايات أنه صلى الظهر من اليوم الثاني في الوقت الذي صلى فيه العصر من اليوم الأول، وقد نسب هذا القول محمد بن جرير الطبري إلى مالك بن أنس وقال لو أن مصليين صليا أحدهما الظهر والآخر العصر في وقت واحد صحت صلاة كل واحد منهما.
قلت: ومعنى هذا الكلام معقول أنه إنما أراد فراغه من صلاة الظهر اليوم الثاني في الوقت الذي ابتدأ فيه صلاة العصر من اليوم الأول وذلك أن هذا الحديث إنما سيق لبيان الأوقات وتحديد أوائلها وأواخرها دون بيان عدد الركعات وصفاتها وسائر أحكامها ألا ترى أنه يقول في آخره: «الوقت فيما بين هذين الوقتين» فلو كان الأمر على قدره هو لألجأ من ذلك الإشكال في أمر الأوقات واحتيج من أجل ذلك إلى أن يعلم مقدار صلاة النبي صلى الله عليه وسلم لتعلق الوقت بها فيزداد بقدرها في الوقت ويحتسب كميتها فيه. والصلاة لا تقدر بشيء معلوم لا يزيد عليه ولا ينقص منه لأنها قد تطول في العادة وتقصر. وفي هذا بيان فساد ما ذهبوا إليه ومما يدل على صحة ما قلناه حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ووقت الظهر ما لم يحضر العصر»، وهو حديث حسن ذكره أبو داود في هذا الباب.
واختلفوا في أول وقت العصر فقال بظاهر حديث ابن عباس مالك والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق. وقال أبو حنيفة أول وقت العصر أن يصير الظل قامتين بعد الزوال فمن صلى قبل ذلك لا تجزئه صلاته وخالفه صاحباه.
واختلفوا في آخر وقت العصر، فقال الشافعي آخر وقتها إذا صار ظل كل شيء مثليه لمن ليس له عذر ولا به ضرورة على ظاهر هذا الحديث فأما أصحاب العذر والضرورات فآخر وقتها لهم غروب الشمس قبل أن يصلي منها ركعة على حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها».
وقال سفيان الثوري وأبو يوسف ومحمد وأحمد بن حنبل أول وقت العصر إذا صار ظل كل شيء مثله ما لم تصفر الشمس. وقال بعضهم ما لم تتغير الشمس.
وعن الأوزاعي نحو من ذلك ويشبه أن يكون هؤلاء ذهبوا إلى حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «وقت العصر ما لم تصفر الشمس».
وأما المغرب فقد أجمع أهل العلم على أن أول وقتها غروب الشمس.
واختلفوا في آخر وقتها فقال مالك والأوزاعي والشافعي لا وقت للمغرب إلاّ وقت واحد قولًا بظاهر الحديث حديث ابن عباس وقال سفيان الثوري وأصحاب الرأي وأحمد وإسحاق وقت المغرب إلى أن يغيب الشفق.
قلت: وهذا أصح القولين للأخبار الثابتة وهي خبر أبي موسى الأشعري وبريدة الأسلمي وعبد الله بن عمرو. ولم يختلفوا في أن أول وقت العشاء الآخرة غيبوبة الشفق إلاّ أنهم اختلفوا في الشفق ما هو فقالت طائفة هو الحمرة، روي ذلك عن ابن عمر وابن عباس، وهو قول مكحول وطاوس وبه قال مالك وسفيان الثوري وابن أبي ليلى وأبي يوسف ومحمد والشافعي وأحمد وإسحاق.
وروي، عَن أبي هريرة أنه قال: الشفق البياض. وعن عمر بن عبد العزيز مثله.
وإليه ذهب أبو حنيفة وهو قول الأوزاعي. وقد حكي عن الفراء أنه قال: الشفق الحمرة وأخبرني أبو عمر، عَن أبي العباس أحمد بن يحيى قال: الشفق البياض وأنشد لأبي النجم:
حتى إذا الليل جلاه المجتلي ** بين سماطي شفق مُهَوَّل

يريد الصبح وقال بعضهم الشفق اسم للحمرة والبياض معًا إلاّ أنه إنما يطلق في أحمر ليس بقاني وأبيض ليس بناصع، وإنما يعلم المراد منه بالأدلة لا بنفس اللفظ كالقُرء الذي يقع اسمه على الطهر والحيض معًا وكسائر نظائره من الأسماء المشتركة.
واختلفوا في آخر وقت العشاء الآخرة فروي عن عمر بن الخطاب وأبي هريرة أن أخر وقتها ثلث الليل، وكذلك قال عمر بن عبد العزيز وبه قال الشافعي قولا بظاهر حديث ابن عباس. وقال الثوري وأصحاب الرأي وابن المبارك وإسحاق بن راهويه آخر وقت العشاء إلى نصف الليل، وحجة هؤلاء حديث عبد الله بن عمرو قال ووقت العشاء إلى نصف الليل، وكان الشافعي يقول به إذ هو بالعراق وقد روي عن ابن عباس أنه قال لا يفوت وقت العشاء إلى الفجر وإليه ذهب عطاء وطاوس وعكرمة.
واختلفوا في آخر وقت الفجر فذهب الشافعي إلى ظاهر حديث ابن عباس وهو الإسفار، وذلك لأصحاب الرفاهية ومن لا عذر له وقال من صلى ركعة من الصبح قبل طلوع الشمس لم تفته الصبح، وهذا في أصحاب العذر والضرورات وقال مالك وأحمد من صلى ركعة من الصبح وطلعت له الشمس أضاف إليها أخرى وقد أدرك الصبح فجعلوه مدركا للصلاة على ظاهر حديث أبي هريرة. وقال أصحاب الرأي من طلعت عليه الشمس وقد صلى ركعة من الفجر فسدت صلاته إلاّ أنهم قالوا فيمن صلى من العصر ركعة أو ركعتين فغربت الشمس قبل أن يتمها إن صلاته تامة.
قال أبو داود: حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن قتادة سمع أبا أيوب عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «وقت الظهر ما لم يحضر العصر ووقت العصر ما لم تصفر الشمس ووقت المغرب ما لم يسقط فور الشفق ووقت العشاء إلى نصف الليل ووقت صلاة الفجر ما لم تطلع الشمس».
قوله: «فور الشفق» بقية حمرة الشمس في الأفق. وسمي فورا لفورانه وسطوعه.
وروي أيضًا: «ثور الشفق» وهو ثوران حمرته.

.ومن باب في وقت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم:

قال أبو داود: حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن محمد بن عمرو قال سألنا جابرا عن وقت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «كان يصلي الظهر بالهاجرة والعصر والشمس بيضاء حية والمغرب إذا غربت الشمس والعشاء إذا كثر الناس عجل وإذا قلوا أخر والصبح بغَلَس».
قوله: «والشمس حية» يفسر على وجهين أحدهما أن حياتها شدة وهجها وبقاء حرها لم ينكسر منه شيء والوجه الآخر أن حياتها صفاء لونها لم يدخلها التغير.